للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيفية الوزن، فقال بعضهم: توزن صحائف الأعمال، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: يؤتى بالأعمال الحسنة على صورة حسنة، وبالأعمال السيئة على صورة قبيحة فتوضع في الميزان فعلى قول ابن عباس - رضي الله عنهما - أن الأعمال تتصور صورًا، وتوضع تلك الصور في الميزان، فيخلق الله في تلك الصور ثقلًا وخفة، ونقل البغوي عن بعضهم أنها توزن الأشخاص، انتهى.

وحكى الحافظ (١) عن الطيبي: والحق عند أهل السُّنَّة أن الأعمال حينئذ تتجسد أو تجعل في أجسام، فتصير أعمال الطائعين في صورة حسنة، وأعمال المسيئين في صورة قبيحة، ثم توزن، ورجّح القرطبي أن الذي يوزن الصحائف، ونقل عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: توزن صحائف الأعمال، قال: فإذا ثبت هذا فالصحف أجسام، فيرتفع الإشكال، ويقويه حديث البطاقة، إلى آخر ما بسط في هامش "اللامع" (٢).

وقد اتفق لي زيارة نسخة خطية قديمة لصحيح البخاري التي قرأها شيخ شيوخنا المفتي إلهي بخش الكاندهلوي على شيخه الشاه عبد العزيز الدهلوي، فوجدت على "هامشه" بخط المفتي المذكور مما يتعلق بهذا الباب، وهذا نصه: قوله: "باب قول الله. . ." إلخ، هذا إشارة إلى أن الكلام داخل في الأعمال، وأنه يوزن كما يوزن الأعمال، ولذلك أورد حديث "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن"، وختم بهذا الحديث كما افتتح بحديث "الأعمال بالنيات" أي: كما ينبغي ابتداء الأعمال بالإخلاص، كذلك ينبغي "ختمها بالتسبيح والتحميد". انتهى.

قلت: ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه لطيف جدًا، وهو أنه أشار بهذه العبارة الوجيزة إلى أن الغرض من الترجمة أمران: الأول: إثبات وزن الأعمال، وأنها توزن لا كما زعمت المعتزلة من أن المراد بالوزن العدل


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٥٣٩).
(٢) "لامع الدراري" (١٠/ ٣٩٤ - ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>