للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإسلام، والإخلاص والأخلاق، كل ذلك داخل في الدين، وهذه الترجمة الأولى هي غرض المؤلف من التراجم الثلاثة، وهي التي ذكر لها الحديث المسند، فكل الأمور المذكورة في الأبواب السابقة المتفرقة جاءت في هذا الباب الواحد مع بعض الزيادة.

والمراد بالإيمان في هذا الحديث التصديق القلبي، والمراد بقوله: "أن تعبد الله" التوحيد باللسان، وتدخل فيه كلمة الشهادة كما صرَّح العلامة السندي (١).

وفي حديث عبد القيس سمَّى هذه الأمور إيمانًا، وفي الآية الكريمة أطلق على الإسلام دينًا، فثبت بهذه النصوص أن الإسلام والإيمان والدين يصح إطلاق أحدهما على الآخر، والسلف كانوا يحبون اتباع الإطلاقات الواردة في النصوص، ولا يرغبون إلى المباحث الكلامية التي استخرجها المتأخرون، كما صرَّح بها الشرَّاح، فظهر بهذا الباب صحة كل الأبواب السابقة التي وردت فيها مثل هذه الإطلاقات، والله تعالى أعلم.

قوله: (كأنك تراه. . .) إلخ، أجاد الشيخ قُدِّس سرُّه في "الكوكب" (٢) إذ كتب: وهذا جامع لمراتب الإحسان، فكلما زادت المراقبة حسن الإحسان، وقوله الآتي: "فإن لم تكن تراه فإنه يراك" بيَّنه الشارحون بحيث يكون مرتبته أدوَن من التي قبلها، فقالوا: وإن لم تقدر على ذلك فاعبده كأنه يراك، وهذا بعيد.

أما أولًا: فلأن المراقبة في ذلك أشد؛ لأنه تبارك وتعالى لما كان ناظرًا إليه ورائيًا حاله، وراقب العبد ذلك، اشتد أمر الإحسان وزاد فيه، لا أنه يكون مرتبة دونى (٣) نسبة إلى الأولى.

وأما ثانيًا: فلأن المناسب حينئذ هو أن يقال: كأنه يراك، وهذا غير


(١) انظر: "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ١٨).
(٢) "الكوكب الدري" (٣/ ٣٤٠ - ٣٤٢).
(٣) مؤنث دون.

<<  <  ج: ص:  >  >>