للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراده بالآية بقوله: "شاكلته: نيته"، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نفقة الرجل على أهله يحتسبها صدقة"، ولذا ذكره في الترجمة تنبيهًا على مقصده، ثم ذكره في الروايات حجةً وإثباتًا لمرامه، ولا يمكن أن يراد في هذا الباب صحة الأعمال لحديث النفقة، أفترى من أنفق على أهله رياءً وفخرًا أفلا تسقط عنه النفقة الواجبة؟

وأما اختلاف العلماء في صحة الأعمال على النية، فبمعزل عن هذا الباب يشير إليه الإمام البخاري في مواضعها، فإن الإمام ذكر حديث الأعمال بالنيات في سبعة مواضع من "صحيحه" كما تقدم ذكرها، فيظهر من النظر على هذه المواضع كلها أن المصنف يستدل بها تارة على الحسبة وأخرى على صحة الأعمال، وأراد ههنا الحسبة انتهى. وإليه أشار الشيخ.

وقال العيني (١): المناسبة بين البابين من حيث إن المذكور في الباب الأول هو الأعمال التي يدخل بها العبد الجنة، ولا يكون العمل عملًا إلا بالنية والإخلاص، فلذا ذكر هذا الباب عقيب الباب المذكور، انتهى.

والفروع التي أشار إليها البخاري في الترجمة خلافية شهيرة بسطت في محلها، وجملتها أن قوله: (والوضوء) أشار به إلى خلاف من لم يشترط فيه النية كما نقل عن الأوزاعي وأبي حنيفة والحسن بن صالح، وخالفهم الجمهور.

(والصلاة) لا خلاف في اشتراط النية فيها.

(والزكاة) قال النووي في "شرح المهذب": لا يصح أداء الزكاة إلا بالنية في الجملة، وهذا لا خلاف فيه عندنا، وإنما الخلاف في صفة النية وتفريعها، وبوجوبها قال مالك وأبو حنيفة والثوري وأحمد وأبو ثور وجماهير العلماء، وشذ عنهم الأوزاعي وقال: لا تجب ويصح أداؤها بلا نية، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (١/ ٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>