للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الكرماني (١): المراد به إما ما لم يصل إلى حد الإسكار، أو ما وصل إليه، ويكون عطف المسكر عليه من باب عطف العام على الخاص، وخصص بالذكر من بين المسكرات؛ لأنه محل الخلاف في جواز التوضؤ به، انتهى.

وتبعه الحافظ وغيره في ذلك، وأنت خبير بأن الذي بلغ حد الإسكار ليس بمختلف فيه عند العلماء.

فالأوجه عندي: أن بينهما عمومًا وخصوصًا من وجه، فإن بعض الأنبذة مختلف في جواز الوضوء منها، وأنت ترى أنه لم يأت برواية تدل عليه إلا ما ذكر من بعض الآثار، فلقائل أن يقول: إن البخاري أثبت بالرواية أن النبيذ الذي بلغ حد الإسكار لا يجوز الوضوء منه، وأما غيره من الأنبذة فيجوز الوضوء منه عند البخاري على الأصل التاسع والثلاثين من أصول التراجم، فتأمل.

لكن فيه أن الآثار الواردة في الباب يخالف ذلك إلا أن في هامش "اللامع" أجيب عن تلك الآثار، وما أفاده الشيخ أن قول هؤلاء المذكورين لا يلزم الحنفية؛ لأن المعروف من قول الإمام: إذا جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن الصحابة اخترنا ولم نخرج عن أقوالهم، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم، انتهى ملخصًا من هامش "اللامع".

وأجاد الشيخ قُدِّس سرُّه الكلام على الوضوء فقهًا وبسطه أشد البسط في "الكوكب الدري" (٢)، وفيه: النبيذ أقسام، نقوع التمر غير مطبوخ، ولا امتراء في جواز الوضوء وإن لم يسلمه المخالفون كيف والأخبار فيه


(١) "شرح الكرماني" (٣/ ١٠١)، وانظر: "فتح الباري" (١/ ٣٥٤)، و"عمدة القاري" (٢/ ٦٨٢).
(٢) انظر: "الكوكب الدري" (١/ ١١٩ - ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>