للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الإصابة" المطبوع في كلكته سنة ١٨٥٣ - ١٨٦٤ م: "لم تكن فيما مضى أمة من الأمم السالفة - كما أنه لا توجد الآن أمة من الأمم المعاصرة -، أتت في علم أسماء الرجال بمثل ما جاء به المسلمون في هذا العلم العظيم الخطر، الذي يتناول أحوال خمس مائة ألف رجل وشؤونهم" (١).

لم يقتصر هذا البر والرفد على الأولياء والمحبِّين من أمته، والخادمين لدينه وعلمه، بل تعدَّى ذلك إلى الأعداء الكاشحين، والمناوئين لدينه، فعرف به العالم كثيرًا من أعدائه الألداء ممن طوتهم الجاهلية وطمستهم الأيام، فبقيت أسماؤهم، وكثير من أخبارهم بفضل السيرة النبوية والحديث النبوي، ولولاهما لذهبت أخبارهم أدراج الرياح، وطارت بأسمائهم العنقاء، فلا عجب إذا كان العصر الغابر، والتاريخ الماضي يتمثلان ببيت الشاعر العربي (٢)، ويخاطبان هذه السحابة التي مرت بهما فأفاضت عليهما الحياة والنماء، وينشدان:

فَاذْهَبْ كما ذهبَتْ غَوادِي مُزُنَة … أَثْنى عَلَيْهَا السَّهْلُ وَالْأَوْعَارُ

ونعود إلى الحديث فنقول:

وكان مظهرًا من مظاهر هذه العناية الفائقة بهذا الكتاب الفذِّ، عناية العلماء بتراجم الأبواب في "الجامع الصحيح"، فتناوله كل من شرح هذا الكتاب، أو علَّق عليه، أو عكف على تدريسه، وأفرد بعضهم له تأليفات فات كثيرًا من المؤرخين أسماؤها شأن العلوم الأخرى.

ومن المؤلَّفات التي حُفظت أسماؤها، وجاءت الإشارة إليها، ثلاثة مؤلفات في هذا الموضوع، ذكرها الكاتب الجلبي المشهور باسم الحاج


(١) "الرسالة المحمدية" لأستاذنا العلَّامة السيد سليمان الندوي، (تعريب الأستاذ محمد ناظم الندوي) [طُبعت مرارًا].
(٢) هو مسلم بن الوليد، قاله في رثاء يزيد بن مزيد، انظر: "وفيات الأعيان" (٦/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>