وأيَّده العلامة الحافظ ابن حجر صاحب "فتح الباري" فقال: "وهذه قاعدة حسنة يُفزع إليها حيث يتعسَّر وجه الجمع بين الترجمة والحديث، وهي مواضع قليلة جدًّا"(١).
وعلى كلٍّ، فهذه بعضُ أسباب لتعقُّد الأبواب والتراجم في هذا الكتاب الذي اعتنت به الأمة أشدَّ اعتناءٍ بعد كتاب الله، وصلت إليها دراسة قاصرة لمن لم يكن صاحب اختصاص في فنِّ الحديث، وقد يكون أكثر من ذلك، ولا آخر في عالَم التأمل والبحث، وفوق كل ذي علم عليم.
ولم يزل الموضوع غضًّا طريًّا يطرقه كل باحث في علم الحديث، وكل دارس ومدرِّس لـ "الجامع الصحيح"، وكان الموضوع في حاجة - بعد ضياع كتب المتقدمين الأربعة التي تقدم ذكرها - إلى كتاب أكمل وأشمل، وأجمع وأوعى، فجاء هذا الكتاب - والحمد لله - وافيًا بالغرض، مُسعِفًا بالحاجة، يصدِّق قولَ الأولين:(كم ترك الأول للآخر).
وكان المؤلف - بارك الله في حياته - قد ذكر في كتابه "مقدمة كتاب لامع الدراري": كل ما جاء من أصول الشيخ الإمام ولي الله الدهلوي، والقواعد الكلية للتطبيق بين الأبواب والتراجم، وأبواب لا ترجمة لها، وكذلك كل ما جاء في رسالة الشيخ العلامة محمود حسن الديوبندي، وكل ما وجد من فوائد في دروس الشيخ الكبير مولانا رشيد أحمد الكَنكَوهي، وكذلك كل ما وجده من أصول وقواعد في كلام الحافظ ابن حجر، والقسطلاني، والحافظ العيني، فاستوعبها، وزاد عليها مما كان خاطره أبا عذره، ولم يسبق إليه، حتى بلغ عدد هذه الأصول والقواعد الكلية إلى سبعين أصلًا وقاعدة، فاحتوى على علم غزير، لم نجده في كتاب واحد - والغيب عند الله -، فاقترحت على المؤلف، كما اقترح كثير من تلاميذه تجريد هذا الجزء وطبعه ككتاب مستقل، فقبل هذا الاقتراح مشكورًا محسنًا