للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، فمن ثم أورد رواية سعيد بن عبيد في "باب القسامة"، وطريق يحيى بن سعيد في باب آخر، وليس في شيء من ذلك تضعيف أصل القسامة، والله تعالى أعلم.

وهكذا قال العيني (١): من أن البخاري ذهب إلى ترك القتل بالقسامة، لا إلى ترك القسامة رأسًا، وهذا هو الرأي عندي من أن البخاري لم ينكر القسامة برأسها كما قيل، وكذا عمر بن عبد العزيز كما تقدم من نقل كلام هؤلاء الجهابذة، وليت شعري كيف نسبوا إلى الإمام البخاري إنكار القسامة برأسها، وصنيعه في "صحيحه" يدلّ دلالةً واضحةً على أنه أنكر القود بالقسامة، فإنه ذكر فيه حديث أبي قلابة، وهو كما ترى لا يدلّ إلا على عدم القود بها.

وبسط الكلام في هذا المقام في هامش "اللامع" (٢) أشد البسط.

ومحصل الكلام أن ههنا ثلاثة أمور:

الأول: ثبوت القسامة والأخذ بها، كما هو مسلك جمهور العلماء، ولم يخالفهم في ذلك الإمام البخاري كما تقدم مبسوطًا.

والثاني: أن بداءة الأيمان في القسامة على المدعى عليهم، كما هو مسلك الحنفية، واختاره البخاري كما تقدم في كلام الحافظ، ولذا صدّر الباب بقوله: "شاهداك أو يمينه".

وقال القسطلاني (٣) تحت حديث الباب: وفي الحديث أن اليمين توجه أولًا على المدعى عليه لا على المدعي، كما في قصة نفر الأنصاريين، انتهى.

وقال صاحب "الفيض" (٤): اعلم أن اليمين لا يتوجه عندنا في القسامة إلى المدعي، وكذا لا قصاص فيها على المدعى عليه، وأما فائدة الأيمان فتظهر في حق اكتشاف الحال، ووافقنا المصنف على ذلك، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (١٦/ ١٧١).
(٢) "لامع الدراري" (١٠/ ١٧١ - ١٧٥).
(٣) "إرشاد الساري" (١٤/ ٣٦٧).
(٤) "فيض الباري" (٦/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>