للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ﴾ (٤٠)

٤٠ - ﴿وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ من عذاب الحياة الدنيا المشار إليه بالآية (٣٤)، أو القارعة التي تصيبهم المشار إليها بالآية (٣١)، والكلام عن المصرين على الكفر ﴿أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ قبل ذلك ﴿فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ﴾ فقط ﴿وَعَلَيْنَا الْحِسابُ﴾ لا عليك حسابهم ولا جزاؤهم، فالحساب على الله وحده.

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ﴾ (٤١)

٤١ - ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ هؤلاء الكفار والغافلون ﴿أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها﴾ فلا تدوم على حال إذ تتحول من العمران والازدهار إلى الخراب والدمار، فلا يتم شيء إلا ويتحول إلى نقص، ولا شيء يبقى على حاله، ولا يدوم عزّ إلا ويصير إلى انحطاط، مما هو مشاهد ومحسوس في كثير من المجتمعات والدول، فكيف يأمن الضالون على أنفسهم من مثل ذلك؟ والأمر ليس مقتصرا على الخراب المادي والكوارث الاجتماعية بل يتعداه إلى اضمحلال القيم الأخلاقية وما يتلوها من انكماش وزوال الدول، لأن الأرض بمعنى الدولة، كما في قوله تعالى على لسان يوسف مخاطبا عزيز مصر: ﴿قالَ اِجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ﴾ [يوسف ٥٥/ ١٢] وقصد بها دولة مصر، ﴿وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ ليس من يعقب حكمه بالرد أو الإبطال، فلا رادّ لحكمه وسننه الكونية، وكل شيء خاضع للتغيير ﴿وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ﴾ لأن عواقب الأعمال من خير أو شر سرعان ما تنجلي.

﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدّارِ﴾ (٤٢)

٤٢ - ﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ لإبطال سنة الله في نصرة دينه وأنبيائه ﴿فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً﴾ لأن تدبيرهم لا شيء أمام تدبيره الخفي الذي يسير الكون بموجبه ﴿يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ﴾ فيحيط بها من حيث لا تعلم ﴿وَسَيَعْلَمُ الْكُفّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدّارِ﴾ لمن تكون العاقبة الحميدة إن كانت لهم أم لغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>