١٧٤ - ﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ﴾ خرجوا إلى لقاء المشركين ثم عادوا بنعمة من الله وهي السلامة والعافية وخوف العدو منهم ﴿وَفَضْلٍ﴾ وهو فضل معنوي إذ علمت العرب أن قريشا جبنت عن لقاء النبيّ ﷺ فازدادت مهابة المسلمين عند العرب، وهو أيضا الربح الذي أصابوه بتجارتهم في موسم بدر في أثناء انتظارهم أبي سفيان ﴿لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ﴾ لم يمسسهم ما يسوءهم من كيد العدو ﴿وَاِتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ﴾ بعزمهم على لقاء عدوّهم ﴿وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ بأن تفضّل عليهم بالتوفيق وصرف عنهم كيد المشركين إذ ألقى الرعب في قلوبهم.
١٧٥ - ﴿إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ﴾ وهو من شياطين الإنس، لقوله تعالى:
﴿وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً﴾ [الأنعام: ٦/ ١١٢]، واختلفوا في تعيينه فقالوا هو أبو سفيان، وقيل غيره من أعوانه الذين حاولوا تثبيط المسلمين عن الجهاد، وسمّي شيطانا لعتوّه وتمرّده، وقيل بل المقصود إبليس يخوّف الناس بالوسوسة ﴿يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ﴾ يخوّفكم أيها المسلمون بأوليائه، أي بأنصاره من المشركين فيوهمكم أنهم جمع عظيم لا طاقة لكم بهم، أو أنه يخوّف أولياءه أي الذين يصدقونه ويطيعونه، أما أولياء الله فلا سلطان للشيطان عليهم إذ لا يخافونه ولا ينقادون لأمره ﴿فَلا تَخافُوهُمْ﴾ أي لا تخافوا أولياء الشيطان من المشركين ﴿وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ المعنى أن من يرجح خوفه من أولياء الشيطان على خوفه من الله يكون مشكوكا في إيمانه.
والواضح أنّ مغزى الآية عام بما فيها من العبر للمسلمين في كل الأزمنة وليس مقتصرا على أحداث بعينها.