للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنس البشري تائها يتخبّط في البحث عن المقاييس الأخلاقية المطلقة ﴿ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا﴾ أيها الإنسان ﴿وَكِيلاً﴾ تكل أمورك إليه، أو تعتمد عليه في معرفة الحق من الباطل،

﴿إِلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً﴾ (٨٧)

٨٧ - ﴿إِلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ استمرار الخطاب من الآية المتقدّمة، لأنّ الرحمة أيضا بمعنى الوحي، انظر آيات [هود ٦٣/ ١١، ٢٨]، حيث سمّى الوحي رحمة، والمعنى: لولا الوحي لما استقامت أمور الإنسان ﴿إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً﴾ أيها النبي، وأيها الإنسان، لأن الله تعالى أنعم على الإنسان بنعمة العقل من جهة، وبنعمة الوحي الإلهي من جهة ثانية،

﴿قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ (٨٨)

٨٨ - ﴿قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ﴾ بكلّ ما يملكون من طاقات الفكر العلمية والتقنية والأدبية ﴿عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ﴾ في أسلوبه المعجز، ومحتواه العميق المتنوع، وإيحاءاته الروحية المبهرة، ونظمه المحكم ﴿لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ ولو كانوا يعضدون وينصرون بعضهم بعضا، لأن المسألة ليست مشروطة بتكامل الطاقات في سبيل تكامل النص في إبداعه، بل مرتبطة بالسر الخفيّ وراءه،

﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً﴾ (٨٩)

٨٩ - ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾ كرّرنا وقلّبنا المعاني القرآنية من كلّ الوجوه والأساليب، ليصبح القرآن قريبا من الأفهام ﴿فَأَبى أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً﴾ لأنّ فهم أكثر الناس سطحي وضحل ومقتصر على مادية الدنيا، كما سيرد في الآية التالية:

﴿وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>