٢٠ - بعد انتهاء وصايا لقمان لابنه، عودة إلى الآية (١٠):
﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾ مكّنكم من الاستفادة منهما بما أودع فيكم من العقول، وما استنبطتم بها من العلوم ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً﴾ من النعم المادية ﴿وَباطِنَةً﴾ من النعم الروحانية، كهدي القرآن ﴿وَمِنَ النّاسِ﴾ مع ذلك، ومع كلّ هذا الإعجاز البيّن، هنالك ﴿مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ﴾ في توحيده، بل في وجوده ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ يقيني، ولا مستفاد من دليل عقلي، بل مجرّد جدل ظنّي ﴿وَلا هُدىً﴾ مستفاد من الوحي ﴿وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ﴾ ولا هو مبني على القرآن.
٢١ - ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمُ﴾ للمجادلين بغير علم ﴿اِتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ﴾ من الوحي والهدى ﴿قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا﴾ يعبدون ويعتقدون ما عبد واعتقد الآباء بلا تغيير، في ظلم واضح لعقولهم، من حيث عدوا عقول الآباء خيرا من عقولهم ﴿أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ﴾ ويدعو آباءهم ﴿إِلى عَذابِ السَّعِيرِ﴾ لأنّه يأمرهم بالتقليد، وبتعطيل عقولهم عن التفكير وعن تدبّر القرآن.
٢٢ - ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ﴾ كناية عن تفويض الأمر إلى الله، والإقبال عليه بالكليّة قلبا وقالبا، لأن الوجه هو الذات ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ في أعماله ﴿فَقَدِ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى﴾ أي تعلّق أتمّ التعلّق بأوثق ما يمكن التعلّق به من الأسباب، فلا يقع في هاوية الكفر والضلال، وهذا تشبيه تمثيلي لمن أسلم وجهه لله وهو محسن في أعماله ﴿وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ تصير إليه، لا إلى غيره.