يظهر من الإشارة إلى فتح مكة بالآية (١٠) أنّ السورة نزلت ابتداء من أواخر العام ٨ للهجرة، فهي مدنية على قول الجمهور وقيل بعض آياتها مكية، واشتق اسمها من ورود كلمة الحديد في (الآية ٤٢) بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وهي الأولى في مجموعة سبع سور مدنية متتالية:(الحديد - المجادلة - الحشر - الممتحنة - الصف - الجمعة - المنافقون) تتناول تطبيقات عملية حياتية لتنظيم المجتمع الإسلامي داخليا، وتوجيه هذا المجتمع أيضا لجهة التعامل مع أعداء الإسلام خارجيا.
[ارتباط السورة بما قبلها]
تبيّن من السور المكية السبع السابقة (ق - الذاريات - الطور - النجم - القمر - الرحمن - الواقعة) أن الأمور مختلطة على الكفار فيما يظنون من عشوائية الأقدار وقسوتها وغياب العدالة الدنيوية، إذ غاب عنهم أن كل عمل يحمل في طياته بذور عواقبه، وأنّ العاقبة الوخيمة التي يتحتّم أن تحيق بالكفار هي ضرورة متلازمة مع سلوكهم في الحياة الدنيا، وأنّ ما يلقاه الإنسان من عواقب إن في الدنيا أو في الآخرة ليس سوى نتيجة طبيعية لعمله، وأنّ نجاة الإنسان لا تكون إلاّ باللجوء إليه تعالى، وأنهم قاصرون عن خزائن العلم والغيب والقدرة الإلهية،