مؤاخذتهم، وهم الذين يملكون نفقة سفرهم ولكن لا يملكون الراحلة التي تحملهم، فأتوا الرسول ﷺ يطلبون منه تزويدهم بالراحلة كي يشتركوا معه في الغزو ﴿قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ من الخيل أو الجمال أو البغال ﴿تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ﴾ في شراء راحلة للركوب.
٩٣ - ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ﴾ فهؤلاء لا سبيل لرفع الحرج عنهم في التخلف، وهم المشار إليهم في الآية (٨٦)، ﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ﴾ مع المتخلفين بدون أعذار، أو مع النساء والأولاد ﴿وَطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ نسب الطبع على قلوبهم إلى ذاته العلية مع أنه بنتيجة عملهم كما في آية [البقرة ٧/ ٢]، وفي الآية (٨٧) أسند الطبع إلى المفعول، والمراد واحد وفق سنته تعالى في الخلق ﴿فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ فلهذا السبب، وهو الطبع على القلوب، لا يعلمون ما في الجهاد من منافع الدنيا والآخرة.
٩٤ - تتمة الخطاب من الآية السابقة عن الأغنياء الذين لا سبيل لرفع الحرج عنهم في التخلف، فقد استأذنوا في القعود قبل الغزوة، ثم يعتذرون بأعذار واهية أيضا بعد عودة الرسول ﷺ من الغزوة:
﴿يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ﴾ من غزوة تبوك ﴿قُلْ لا تَعْتَذِرُوا﴾ أعذارا غير مقبولة، فإنّ العبرة بالتوبة الصادقة وبالعمل بما تقتضيه، كما سيرد في تتمة الآية ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ﴾ لن نصدقكم ﴿قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ﴾ بما نزل من الوحي على النبي ﷺ، فصرنا نعلم أنّ ظاهركم غير باطنكم ﴿وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ﴾ في المستقبل، فيظهر لنا من أعمالكم، وليس من أقوالكم، إن