تواجه الدعوة الإسلامية وأن يواجه العالم الإسلامي تحدياتها؟ أضف إلى ذلك إلى التحدي اليهودي المعاصر! لقد كان ممكنا أن تضمحل أهمية الكثير من آيات القرآن الكريم المتعلقة بأهل الكتاب لو صادف أن الفرس أو الهند بقيا العدو الأكبر للإسلام، ولكن التاريخ أظهر أن الأمر لم يكن كذلك، لقد استطاع المسلمون بعد وفاة النبي ﷺ أن ينشروا الدعوة في فارس والهند والشام وشمال إفريقية والأندلس خلال قرن من الزمن، وبعد ذلك في آسية الصغرى وشرق أوروبة، في حين بقي الغرب المسيحي وحده عائقا مستمرا أمام انتشار الدعوة الإسلامية، ثم أصبح التحالف البروتستانتي/اليهودي في القرن السادس عشر القوة الأكبر التي تهدد العالم الإسلامي، ولا يزال اليوم محور المواجهة اليوم بين الثقافة الغربية والإسلامية، وهكذا نرى أن الأهمية الكبرى التي خصصها الوحي القرآني لعقائد اليهود والنصارى كانت مطابقة تماما للتطورات التاريخية التي تبعت نزوله.
٤١ - ﴿وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ﴾ ادخلوا الإسلام وآمنوا بالقرآن، لأنه يصدّق ما تبقّى معكم من الوحي الصحيح، انظر شرح آية [آل عمران ٣/ ٣]، وبواسطته تستطيعون التمييز بين الصحيح والزيف في كتبكم المحرفة ﴿وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ﴾ لا تبادروا إلى الكفر بالقرآن وأنتم تعرفون صدقه قبل غيركم، فالأجدر بكم السبق إلى الإسلام، والمعنى أنهم كانوا أول المصرين على الكفر وقت البعثة النبوية، والكلام موجّه إلى اليهود في كل زمان ومكان ﴿وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيّايَ فَاتَّقُونِ﴾ الثمن القليل هو الرئاسة والمصالح الدنيوية خافوا عليها الفوات لو دخلوا الإسلام، واعتقادهم الباطل أن فضل الله تعالى محصور بهم وأنّه لا يبعث نبي إلاّ منهم.