للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿حَسَناً﴾ التمتع بحياة طيبة في الدنيا ﴿إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ عنده، وهو العمر المقدّر في علمه، للأفراد والأمم، وقد كتب الشيخ محمد رشيد رضا أن هذه السنة الربانية مطّردة في حياة الأمم أكثر منها في حياة الأفراد، فالأمم التي تصر على الظلم والفساد والعصيان يهلكها الله تعالى بالضعف والشقاق وخراب العمران حتى تتمزق وتزول أو تستولي عليها دولة أو دول أخرى، كما هو معروف في حياة الأمم وأحوالها العامة في كل العصور ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾ جزاء مطردا للأفراد في الآخرة، وقد لا يكون مطردا في الدنيا، أي يعطي كلّ ذي فضل من علم وعمل جزاء فضله في الآخرة مطردا كاملا، وأما في الدنيا فقد يكون هذا الجزاء جزئيا ناقصا ومشوبا لا خالصا، ولا يكون عاما مطردا لقصر أعمار الأفراد، وللتعارض والترجيح في سنن الأسباب والمسببات، وهذا من أدلة البعث وجزاء الآخرة الذي يظهر فيه عدله تعالى كاملا شاملا ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ عن عبادة الله وحده، وعن الاستغفار والتوبة ﴿فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ وهو يوم القيامة كما هو مذكور في الآية التالية، وذلك من رأفته بهم فقد أرسل رحمة لهم وللعالمين.

﴿إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٤)

٤ - ﴿إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ بعد موتكم، أمما وأفرادا ﴿وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ على بعثكم وجزائكم.

﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ (٥)

٥ - الآية تبيّن رد فعل المصرّين على الكفر عندما تبلغهم الدعوة بعبادة الله وحده والاستغفار والتوبة: ﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾ أي من القرآن - بعود الضمير في ﴿مِنْهُ﴾ إلى الكتاب بالآية (١)﴾ - فهم يثنون صدورهم خوفا من مواجهة الحقيقة، وخشية أن يفارقوا دين آبائهم، لا يملكون الشجاعة الكافية للاستماع لدعوة النبي وتقويمهما من حيث جدارتها، وهم يثنونها

<<  <  ج: ص:  >  >>