للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿تَذْكِرَةٌ﴾ [١١/ ٨٠]، ثم إنّ الإنسان ميسّر أن يختار سبيل الهدى أو الضلال: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ [٢٠/ ٨٠]، غير أنه في حياته الدنيوية لم يستفد بالكامل من ملكة العقل التي منحها له الله ولا الفطرة السليمة التي غرسها فيه، إذ لا يخلو إنسان من تقصير: ﴿كَلاّ لَمّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ﴾ [٢٣/ ٨٠].

[النظم في السورة]

عبس النبي بوجه عبد الله بن أم مكتوم وهو ابن خال خديجة، وكان أعمى من الصحابة ألحّ عليه أن يعلمه من القرآن أثناء انشغال النبي بدعوة أعيان قريش إلى الإسلام، فكره النبي قطعه لكلامه وعبس وأعرض عنه فنزلت الآيات ١ - ١٠، ثم كان النبي بعد ذلك يكرمه ويقول: "مرحبا بمن عاتبني فيه ربي" وقد ولاّه على المدينة مرتين في غزوتين غزاهما،

﴿عَبَسَ وَتَوَلّى * أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى﴾ (١ - ٢)، تبرز من عتاب السورة للرسول موضوعية الوحي، فالرسول لا ينطق عن الهوى: ﴿وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى﴾ [النجم ٣/ ٥٣]،

وقد ذكر بعض العلماء أن سلوك ابن أم مكتوم مع الرسول لا يخلو من فظاظة، ولكنّ في الآية إشارة أنّ كل ضعيف يستحق الاهتمام كغيره، وقد عاتب الله تعالى رسوله حتى لا تنكسر قلوب أمثاله، وبالمقابل كان قصد الرسول تأليف قلوب المشركين من كبار قريش، وفي الحديث: "إني لأصل الرجل وغيره أحبّ إلي منه، مخافة أن يكبّه الله في النار" ذكره القرطبي.

﴿وَما يُدْرِيكَ﴾ أيها النبي ﴿لَعَلَّهُ يَزَّكّى (٣)﴾ أي لعل الأعمى ينتفع بموعظتك ويصبح زاكيا، أي طاهرا من العيوب؟

<<  <  ج: ص:  >  >>