﴿مِنَ اللَّيْلِ﴾ إشارة إلى الصلوات اليومية الخمسة التي بينتها وفصلتها السنّة الشريفة ﴿إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ﴾ الأعمال الحسنة بتزكيتها للنفوس وإصلاحها لها ما يمحو تأثير الأعمال السيئة، وقالوا إن التوبة مع العمل الصالح تكفر الصغائر والكبائر إلاّ حقوق العباد، فإنه يجب أداؤها أو استحلال أهلها منها ﴿ذلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ﴾ فيما ذكر من الأمر بالاستقامة، والنهي عن الطغيان، وعن الركون إلى الظالمين، وإقامة الصلاة، كل ذلك موعظة لمن يتعظ،
﴿وَاِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (١١٥)
١١٥ - ﴿وَاِصْبِرْ﴾ على الطاعات، وعلى المعاصي، وانتظر عاقبتها من النصر والفلاح، ولا تستعجل عاقبتها قبل أوانها: ﴿فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ فيوفّيهم ثواب أعمالهم.
١١٦ - هذه الآية بيان لسبب انهيار الأمم، وسننه تعالى في خلقه في إهلاك الأقوام التي ينتشر فيها الفساد، على غرار ما حدث للأمم البائدة:
﴿فَلَوْلا كانَ﴾ فهلاّ كان، أي وجد ﴿مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ أي الأقوام المقترنة في زمان واحد، والمقصود بها الحضارات السابقة ﴿أُولُوا بَقِيَّةٍ﴾ من أخلاق أو ممّن بقي لهم من الرأي والعقل والفضل ﴿يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ﴾ يكافحون الفساد ﴿إِلاّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ﴾ لكن قليلا ممّن أنجينا من القرون السابقة نهوا عن الفساد، ولكنهم كانوا قلّة منبوذين لا يقبل نهيهم وأمرهم، والأكثرية الظالمة انهمكت في الفساد، فضلا عن أن تنهى عنه: ﴿وَاِتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ وهم الأكثرية ﴿ما أُتْرِفُوا فِيهِ﴾ من النعم، فأصابهم البطر ﴿وَكانُوا مُجْرِمِينَ﴾ بانغماسهم في الفساد، وانهماكهم في طلب الدنيا والمادة والشهوات والزعامات بأي ثمن، والمعنى أن وسيلة منع هلاك الأمم الظالمة هو وجود أولي بقية فيها ينهون عن الفساد فيطاعون، وبالمقابل إذا فقد أمثال هؤلاء