للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ﴾ (٢٨)

٢٨ - بعد أن أخبر تعالى في الآيات السابقة أن النبوة نزعت من بني إسرائيل وانتقلت إلى بني إسماعيل، بيّن للمؤمنين كيف يجب أن تكون العلاقة بينهما، فقال عزّ من قائل:

﴿لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي لا يتخذ المؤمنون الكافرين حلفاء لهم حيث تقدّم مصلحة الكافرين على مصلحة المؤمنين ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ﴾ فيتخذ الكفار أولياء وأنصارا حيث يجعل لمصالحهم الأولوية على مصالح المؤمنين ﴿فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ﴾ تنقطع صلة الايمان بينه وبين الله تعالى فيكون من الكافرين ﴿إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً﴾ أي في حال الخوف من الكفار في شيء يلحق الضرر بالمؤمنين، ففي هذه الحالة يجوز للمؤمنين موالاة الكفار ظاهريّا بالقدر الكافي لرفع الضرر عنهم، كما تجوز موالاة الكفار أيضا لجلب المنفعة، لأنّه إذا جازت موالاتهم لرفع الضرر فالأولى أن تجوز أيضا لجلب المنفعة على أن لا يسبب ذلك ضررا للمسلمين في بلاد أخرى.

وقد استدلّ البعض من الآية على جواز التقية للمحافظة على النفس والعرض والمال، كما تجوز المداراة والكياسة واللياقة معهم فيما لا يهدم حقّا ولا يبني باطلا، كما يجوز برّهم والإحسان إليهم لقوله تعالى: ﴿لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة ٦٠/ ٨].

﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ﴾ لكونه تعالى محيطا بعلم كل شيء من الظاهر والباطن ﴿وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ﴾ فيجازي كل عامل بعمله، انظر أيضا آيات [المجادلة ٥٨/ ١٤ - ١٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>