للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمال التي كانوا يتبجحون بها كعمارة المسجد الحرام، وحجابة الكعبة، وسقاية الحاج ﴿وَفِي النّارِ هُمْ خالِدُونَ﴾ لأنّه إن كان قد صدر عنهم بعض أعمال البر فإنّ ثوابها قد حبط، وبقي عقاب الكفر،

﴿إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ (١٨)

١٨ - ﴿إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ﴾ فلا يعتدّ بعمارة المسجد الحرام من زيارة وعبادة وخدمة وصيانة وترميم إلاّ من قبل كاملي الإسلام الذين توافرت لهم الصفات الخمس المذكورة ﴿فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ عسى بهذا المعنى تفيد الرجاء من قبل العباد الذين يأتون بالطاعات المذكورة ويأملون الفوز بالهداية والثواب، والمعنى إن كان حال هؤلاء معلقا بين الأمل والرجاء، فما بال المشركين يجزمون أنهم مهتدون فائزون بالخير من عند الله، لمجرّد أنهم قاموا بحجابة الكعبة وسقاية الحاج.

﴿أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ (١٩)

١٩ - ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾ أجعلتم من يقوم بسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ﴿كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ فكيف تساوون بين عمارة المسجد الحرام وخدمة حجّاجه، وبين الإيمان اليقيني، وما يترتب عليه من الجهاد بالأموال والأنفس، وبعبارة أخرى:

لا يمكن المساواة بين الشكليات وبين الجوهر؟ ﴿لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ﴾ لأن الأول من السهولة بمكان، ولا يتطلب من التضحيات والمشقة ما يتطلبه الثاني من الجهاد بالمال والأنفس والهجرة، كما أنّ سقاية الحاج وعمارة المسجد إنّما توجب الفضيلة إذا صدرت عن المؤمن، أمّا إن صدرت عن غير المؤمن فلا يستفيد منها، وعلى أيّة حال فإنّه لا يمكن المساواة بين مجرّد القيام بالشعائر،

<<  <  ج: ص:  >  >>