١٥٣ - ﴿وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ﴾ أي وقل لهم أيها النبي: إن هذا صراطي، أي صراط الإسلام، أو هو القرآن الكريم، مستقيما أي قويما لا اعوجاج به عن الحق ﴿وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾ الأخرى، أي الطرق الأخرى، من ديانات شوّهها أو ابتكرها أصحابها، ومن عقائد وضعية ابتكرها البشر ﴿فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ لأن كل هذه السبل تفرّقكم عن سبيل الإسلام فرقا متشعبة ﴿ذلِكُمْ﴾ التمسك بالإسلام وترك السبل الأخرى ﴿وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ لعلكم بالتمسك بطريق الإسلام تتقون تفكك المجتمعات وتدهورها، أي تتقون الضرر العام الذي يلحق بالأمة، والضرر الخاص الذي يلحق بالفرد.
١٥٤ - استمرار الخطاب من الآية (١٤٦)﴾، فبعد أن ذكر تعالى المحرمات على بني إسرائيل بنتيجة بغيهم، أتبعها بنزول التوراة على موسى إتماما لنعمته عليهم وتفصيلا لشريعتهم، وقالوا أيضا ﴿ثُمَّ﴾ حرف عطف بمعنى الواو، ونظيره كثير في التنزيل، انظر إعراب القرآن للزجاج الباب الثالث، والآية أيضا استمرار الخطاب من الآية السابقة، والمعنى هذا صراط القرآن ومن قبله كتاب موسى، وقد يكون التقدير أيضا: ثم قل أيها النبي للمشركين أنّا ﴿آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾ أي آتينا موسى التوراة لإتمام نعمتنا تماما على من أحسن باتباع موسى والاهتداء به ﴿وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من أمور الشريعة والمعاملات والعبادات في وقته ﴿وَهُدىً وَرَحْمَةً﴾ هدى لهم من التخبط في الضلال، ورحمة لهم في دنياهم وآخرتهم ﴿لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ﴾ أي لعلّ اليهود بعد نزول التوراة يؤمنون بالآخرة، فيشعرون بالمسؤولية ويستعدّون للحساب.