يبغضونكم ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ﴾ الكتاب اسم جنس للوحي الإلهي بكامله، أي تؤمنون بكل الكتب وهم لا يؤمنون بالقرآن ﴿وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنّا﴾ بالله مثلما تؤمنون ﴿وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ هم في غاية الغيظ بسبب إسلامكم ويتحسّبون من اجتماع كلمة المسلمين واشتداد شوكتهم ﴿قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ﴾ بمعنى الدعاء عليهم بحصول زيادة ما يغيظهم من عز الإسلام وقوة المسلمين ﴿إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ لا يخفى عليه ما تسرّونه في خلواتكم.
١٢٠ - ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ﴾ مجرّد مسّ الحسنة لكم مهما كانت قليلة تسؤهم، والحسنة هي المنفعة قد تكون مادية أو تكون معنوية كانتشار الإسلام ﴿وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها﴾ يفرحوا بتمام إصابتكم بالسيئة ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً﴾ أمر تعالى المؤمنين الاستعانة على كيد العدوّ بالصبر والتقوى، ولم يأمرهم بمقابلة السيئة بمثلها، وذلك شبيه بقوله تعالى: ﴿اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [فصّلت: ٤١/ ٣٤] ﴿إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ أحاطت قدرته بكيد الكافرين، وهو كاف عباده الصابرين على المصاعب في طاعته، والمتقين ما نهى عنه.
١٢١ - هذه الآية وإن كانت بداية لخطاب جديد نزل بعد وقعة أحد فهنالك وجه اتصال بما قبلها، وهو أنه تعالى بعد أن نهى المؤمنين عن اتخاذ بطانة لهم من أعدائهم، وأنّ المؤمنين إن يصبروا ويتقوا لا يضرهم كيد عدوّهم شيئا، ضرب تعالى مثلا بأحداث وقعة أحد، والمعنى أن المؤمنين إن لم يصبروا ولم يتقوا يحلّ بهم ما حل بالمسلمين في أحد، إذ غدا النبي ﷺ يبوّئ المؤمنين مقاعد للقتال: