٨٠ - ﴿وَحاجَّهُ قَوْمُهُ﴾ جادلوه بالحجج الواهية بعد أن أظهر لهم حجته الباهرة، ومجادلة الكفار دوما من قبيل التمسك بالتقليد وعدم ترك ما كان عليه آباؤهم، ومن شأن الكفار غالبا أن يجحدوا الحقيقة ولو استيقنتها أنفسهم ﴿قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ﴾ أي ما قيمة حججكم الباطلة أمام الهدي الإلهي واليقين الناتج عن الدليل ﴿وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ﴾ لأنهم اعتقدوا أن لمعبوداتهم قوى غيبية تقدر على إيصال الضرر أو النفع لهم أو لغيرهم فخوّفوه بها ﴿إِلاّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً﴾ إلا أن يشاء ربي نزول الضرر بي بحسب علمه المحيط القديم، لا بقدرة معبوداتكم ﴿أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ﴾ أنّ ما أقوله ثابت في عقولكم، وأنكم مقرّون به ضمنا وإنّما تحتاجون للتذكير، راجع آية [الأعراف: ٧/ ١٧٢].
٨١ - ﴿وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ﴾ من معبوداتكم التي لا تضر ولا تنفع ﴿وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ﴾ لأن الشرك هو الأكثر جدارة بأن يكون مصدر خوف لصاحبه ﴿ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً﴾ الشرك ليس عندكم فيه من الله برهان، لا بالوحي ولا بالعقل، فكيف يعقل أن يكون هنالك شركاء له تعالى في الخلق والتدبير، أو في الوساطة أو الشفاعة أو التأثير ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ﴾ من أحق بالأمان والاطمئنان؟ فريق الموحّدين الحنفاء الذين يعبدون الله وحده ولا يخافون ولا يرجون غيره، ويعلمون أنه مسبب الأسباب وواضع السنن، أم فريق المشركين الواهمين الذين انضبعوا بتأثير بعض الأسباب والسنن الكونية التي وضعها الله في خلقه فنسبوها إلى الأصنام والكواكب من مخلوقاته ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ إن كنتم تعلمون الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، أو إن كنتم من أهل العلم والبصيرة حقّا.