نزلت قبل عامين من هجرته ﵊ إلى المدينة، وكان قد أيس من دعوته أهل مكة بعد أن لبث يدعوهم إلى الإسلام عشر سنين، فذهب يدعو أهل الطائف فرفضوا، فلمّا كان في طريق عودته إلى مكة استمع إليه نفر من الجن وهو في واحة نخلة يتلو القرآن، وقالوا أنّ النفر هو العدد القليل ما بين الثلاثة إلى العشرة، وروي أن ذلك النفر كانوا يهودا (الرازي)، وهنالك إشارة أخرى لهذه الحادثة في آيات [الأحقاف ٢٩/ ٤٦ - ٣٢]، ثم بعد هذه الحادثة بشهرين التقى النبي ﵇ بغرباء آخرين من المدينة قبلوا دعوته وبايعوه، ثم كانت الهجرة بداية انطلاق الدعوة بعد اثني عشر عاما من مقاومة مكة والطائف لها.
[ارتباط السورة بما قبلها]
ضربت سورة نوح مثالا على إصرار القوم على الكفر حتى النهاية: ﴿مِمّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً﴾ [نوح ٢٥/ ٧١] إذ لم تنفع فيهم دعوة نوح رغم لبثه فيهم ألف سنة إلاّ خمسين عاما، ثم تبين سورة الجن أنه في مثل هذه الحالة يسخّر تعالى من يؤمن بالرسالة من الجنّ والإنس: ﴿وَأَنّا لَمّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً﴾ [الجن ١٣/ ٧٢]،