به، وقد كان التعدد شائعا في صدر الإسلام وباقي العصور الإسلامية ضمن حدود العدالة المفروضة عليه، وقد يزعم البعض أنّ تعدد الزوجات سيئ بحد ذاته وفي هذا الزعم خلط بين الشرع وبين التطبيق السييء، والتعدد في بعض الحالات يكون ضروريا ومرغوبا به من وجهتي النظر الأخلاقية والاجتماعية، ولا يحق لمعارضي التعدد أن ينسبوا رأيهم الشخصي إلى القرآن الكريم لمجرّد وقوع سوء في التطبيق، إذ لو تربّى النساء والرجال تربية دينية صحيحة بحيث يكون الدين هو الموجّه الحقيقي للنفوس لما كان هنالك ضرر على الأمة من تعدد الزوجات، بل لتحققت منه الفوائد التي هدف إليها الشرع.
وفي جميع الأحوال فإن الزواج لا يتم بالإكراه وتستطيع أي كارهة للتعدد أن ترفضه، كما تستطيع المرأة التي تخشى من زوجها التعدد أن تشترط في عقد النكاح أن لا يكون لها ضرّة، وعلى الزوج أن يفي بالشرط وإلاّ طلّقت.
٤ - ﴿وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ بعد أن أباح تعالى الزواج حتى الأربعة أوجب لهنّ الصداق، وصدقاتهنّ هي مهورهنّ وهي جمع «صداق» أي ما يصدق به النكاح، ونحلة معناها فريضة لأن النحلة في اللغة هي الديانة والملّة والشرعة والمذهب، فيكون المعنى إنّ إعطاء النساء مهورهنّ يعتبر شريعة مفروضة، ومعنى النحلة أيضا هي العطيّة عن طيب خاطر من غير مطالبة ولا مخاصمة من الطرف الآخر ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً﴾ أي إن وهبن لكم شيئا من المهر عن طيبة نفس من غير أن يكون سبب ذلك سوء العشرة أو المشاكسة من الزوج فكلوه وأنفقوه، وعن عمر بن الخطاب ﵁ أنّ للمرأة أن تعود عن هبتها وتأخذها من الزوج إن رغبت ولو بعد حين (ذكره الزمخشري).