﴿مع أنه تعالى وهبهم نعمة السمع والبصر والفكر السليم: ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ﴾ فقليلا ما استفادوا منها:
﴿قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ﴾ (٢٣)
ونشرهم في الأرض: ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ ثم يحشرهم للحساب: ﴿وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ (٢٤)
وهم مصرّون على إنكار الحشر وعلى المكابرة والتحدي في تعارض فاضح مع المنطق السليم: ﴿وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ (٢٥)
مع أنّ علم الساعة مما استأثر به تعالى لنفسه: ﴿قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ (٢٦)
وعند تحقق وعدها يغشى وجوه الذين أصرّوا على الكفر الذل والكآبة:
﴿فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فيقال لهم هذا ما كنتم تستعجلونه في الدنيا: ﴿وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ (٢٧)
وسواء انتشرت رسالة الإسلام كما هو مقدّر لها، أم لم تنتشر كما يتمنّون، ففي الحالين لن يفيدهم ذلك شيئا من عذاب الجحيم: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ﴾ (٢٨)
فالمؤمنون في حالة من الاطمئنان والتوكل على الله حتى يأتي الوقت الذي تنكشف فيه الحجب: ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (٢٩)، وذلك الجواب على قولهم لرسلهم في الآية ٩: ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ﴾ (٩).
ومع أنّ الكفار في منتهى العجز، فإنهم عن عجزهم عمون: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠)﴾ والمعين العذب النقي، أي إن غار الماء العذب في الأرض من يأتيكم به؟