للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوعود والعهود والمسؤوليات المعنوية الشخصية والعامة بما فيها مسؤولية أولي الأمر من المسلمين كونهم مؤتمنين على أمور رعيتهم كما سيرد في تتمة الآية:

﴿وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ والحكم ليس بمعنى الحكومة الإسلامية فقط أو بالمعنى القضائي المجرد، بل هو أيضا بمضمونه العام شاملا حكم الفرد على الآخرين وتقييمه لأعمالهم ودوافعهم وسلوكهم ﴿إِنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ أي نعم الشيء الذي يعظكم به وهو ما تقدم ﴿إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾ فلا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأفعالكم ونياتكم.

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ (٥٩)

٥٩ - بعد أن ذكرت الآيات المتقدمة سلوك الكفار من اليهود وسوء مآلهم، تبين هذه الآية للمؤمنين ما يجب عليهم اتباعه لتجنب ذلك المآل، وقد قال الرازي أن هذه الآية مشتملة على أكثر أصول الفقه لأنهم قالوا إن أصول الشريعة أربع: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، والآية قررت هذه الأصول الأربعة بالترتيب:

فالكتاب يشير إليه قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ﴾ أي الكتاب ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ أي السنة.

والإجماع يشير إليه قوله: ﴿وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ أي أهل الحل والعقد من الأمة بإجماعهم على أمر من الأمور مما ليس في الكتاب والسنة، وهؤلاء غير الأمراء والحكّام لأن أمر المؤمنين بالطاعة جاء في الآية غير مشروط، ممّا يدل أن الطاعة العمياء للأمراء والسلاطين محرّمة، لأنهم قد يأمرون بالظلم، فتكون طاعتهم واجبة فقط إذا اتبعوا الكتاب والسنة، ويحتمل أيضا أن يكون المقصود بأولي الأمر الذين تم اختيارهم بالشورى لقوله تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>