﴿إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ (١٦٩)
١٦٩ - ﴿إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ﴾ الفحشاء المعاصي الكبيرة القبيحة ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ الإشارة إلى الشرائع الوضعية التي يبتدعها البشر من عند أنفسهم وينسبونها إلى الدين كما تفعل المجمعات المسكونية، وإلى التكاليف «الشرعية» التي يقرّها البعض من دون سند قطعي من القرآن والسنة الصحيحة ويجعلونها جزءا من العقيدة يلزمون به الناس.
﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اِتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ﴾ (١٧٠)
١٧٠ - ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اِتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا﴾ الكفار مصرّون على التقليد، ومبررهم الوحيد لاتّباع المعتقدات الخاطئة والمحرّمات أنهم توارثوها من التقاليد جيلا بعد جيل بلا تفكير، مفضّلين عقول آبائهم على عقولهم، ولذلك شبّههم تعالى بالبهائم في الآية التالية ﴿أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ﴾ أي لا يعقلون شيئا من الشرائع الإلهية، ولا يهتدون سبيلا إلى مصالحهم الدينية والدنيوية.
﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ (١٧١)
١٧١ - ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاّ دُعاءً وَنِداءً﴾ شبّه تعالى الذين صمّموا على الكفر بالبهيمة التي تشعر بنداء المنادي - الراعي - فلا تفقه منه سوى أنّه مجرّد تصويت ونداء، ولا تفهم معناه، والمعنى أن الكفرة، لكونهم أسرى لأفكارهم أو لانهماكهم في التقليد، لا يفكرون فيما يتلى عليهم من الوعظ ولا يتأمّلون فيه ولا يستوعبونه ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ صمّ عن سماع الحق سماع الفهم والتفكّر، ولا يتكلمون به عن اعتقاد وعلم، ولا يبصرون آيات الله في الخلق ﴿فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ ينقادون لغيرهم كما تتبع البهائم الراعي دون أن يفقهوا النداء.