للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغين ما يغترّ به من متاع الدنيا أي يخدع به، فتكون الحياة الدنيا كالآنية التي يخدع المرء بالتمتع بها، ووصفت الحياة بالدنيا بمعنى السفلى، أو القريبة أي حياتنا هذه، فهي متاع المغرق بالانشغال بها، لأنّ المزيد من المتاع يغريه بالمزيد من الإسراف في الطلب بلا نهاية، ولا غاية، حتى تكون المادة هي الغاية النهائية، تغريه وتصرفه عن تحصيل المعارف الحقيقية السامية التي يرقى بها الفكر، كما تصرفه عن العمل الصالح الذي ينفعه وينفع غيره من الناس، ومنهم من تكون غايته مجرد اللهو فيفنى عمره في التسلية واللعب وقتل الوقت بما يضر ولا ينفع.

﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ (١٨٦)

١٨٦ - ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ﴾ أي لتختبرنّ بالمصائب في أموالكم، وبموت من تحبّونهم، وليس ذلك مقتصرا على ما وقع لكم في أحد، والمعنى أنّ المسلمين معرّضين لسنن الله في خلقه مثل غيرهم من الناس، فعليهم الأخذ بالأسباب، والاستعداد والتضحية وبذل الأموال والأنفس، ولا يظنّوا أن مجرّد كونهم على دين الإسلام يضمن لهم السلامة والنصر، ما لم يرافقه العمل والتنظيم والتضحيات ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ وهم اليهود والمسيحية ﴿أَذىً كَثِيراً﴾ أي كثيرا من الهجاء والتجريح والافتراء والطعن في الإسلام، كما هو حاصل إلى يومنا هذا، وفي ذلك إخبار بالغيب ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا﴾ إن تصبروا على المصائب في الأموال والأنفس وعلى ما تسمعونه من أذى اليهود والنصارى، وتتقوا كل ذلك بالتخطيط والاستعداد والصبر، واتقاء المعاصي ﴿فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ هي من الأمور التي أوجبها الله عليكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>