الله تعالى بأعمال وممارسات ابتدعوها ما أنزل الله بها سلطانا، في حين أنه تعالى لا يعبد إلاّ بما شرعه في القرآن أو على لسان رسوله ﷺ فلا عبادة ولا تحريم إلاّ بنص، وليس لأحد أن يزيد أو ينقص في العبادات أو في التحريم.
﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ﴾ (١٠٤)
١٠٤ - استمرار الخطاب من الآية السابقة بأن أكثرهم لا يستخدمون العقل:
﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا﴾ هم ملتزمون بتقليد آبائهم، ومغزى الآية واضح في النهي عن التقليد الأعمى، ووجوب إعمال الفكر واستخدام ملكة العقل، وقد وردت آية مشابهة لها في سورة البقرة [البقرة: ٢/ ١٧٠]، ﴿أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ﴾ أي هل يغني تقليد الآباء والأجداد عن اتّباع الحق؟ حتى لو كان الآباء والأجداد لا يعلمون شيئا من الحقيقة ولا يهتدون إليها؟
وقد ذكر الشوكاني في كتابه (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول) ما يلي: اختلفوا في المسائل الشرعية الفرعية: هل يجوز التقليد فيها أم لا؟ فذهب جماعة من أهل العلم أنه لا يجوز مطلقا، قال القرافي: مذهب مالك وجمهور العلماء وجوب الاجتهاد وإبطال التقليد، وادعى ابن حزم الإجماع على النهي عن التقليد، ونقل عن مالك قوله:«أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي، فما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وما لم يوافق فاتركوه»، وبهذا نعلم أن منع التقليد مذهب الجمهور، ولا خلاف أن رأي المجتهد، عند عدم الدليل، إنما هو رخصة له، يجوز له العمل بها، ولا يجوز لغيره أن يعمل بها بأي حال، ولذلك نهى كبار الأئمة عن تقليدهم وتقليد غيرهم، ومن زعم أنه يجب على الناس التمسك برأي المجتهد والعمل به فقد جعل هذا المجتهد صاحب شرع، ولم يجعل الله ذلك لأحد من الأمة بعد النبي ﷺ، وأما سؤال الجاهل للعالم فيما