يكفّر من ذنوب القتيل أو الجريح، ويحتمل أن هذا التخفيف كان في شريعة اليهود أيضا فتركوه لشدة تعصبهم وتعنتهم ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ﴾ بوجوب التسوية، وتحريم الغلوّ والتعدي في العقاب ﴿فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ المغالون في العقوبة يظلمون غيرهم وأنفسهم، راجع أيضا شرح آية [البقرة:
٤٦ - ﴿وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ﴾ أي أرسلنا عيسى بن مريم على آثار أنبياء بني إسرائيل المشار إليهم في الآية السابقة ﴿مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ﴾ مصدّقا ما تبقّى بين يديه من صحيح التوراة وقت بعثته، بعد أن حرّف اليهود بعضها وأضاعوا بعضها الآخر وأضافوا إليها ما شاءوا، انظر شرح آيات [المائدة: ٥/ ١٣] و [آل عمران: ٣/ ٣]، ﴿وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ﴾ تصحيحا لانحراف اليهود ﴿وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ الإنجيل أيضا، وقت نزوله، كان مصدّقا لما تبقى من صحيح التوراة في ذلك الوقت.
٤٧ - ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ﴾ أي بموجب الوحي الذي نزل على عيسى المسيح، لأن الواقع أنهم لم يلتزموا برسالة المسيح ولم يحكموا بها، وإنما اتبعوا الديانة التي ابتدعها بعده بولس، ثم أقرها رسميا المجمع المسكوني الأول في نيقية عام ٣٢٥ م برعاية قسطنطين الكبير إمبراطور بيزنطة، ولذلك يسمّون هذه الديانة اليوم مسيحية بولس Pauline Christianity بما اشتملت عليه من إقرار ألوهية المسيح، أو جعله ابن إله، مما لم يكن معروفا للمسيح ولا لأتباعه، وبولس المذكور لم يكن من تلاميذ المسيح كما أنه لم يلتق به في حياته،