للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما﴾ أولى حقبتي الإفساد ﴿بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا﴾ عباده تعالى ليسوا بالضرورة أنّهم من المؤمنين لأن الخلق كلهم عباد الله، طوعا أو كرها ﴿أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً﴾ يبدو أن المرة الأولى تشير إلى الآشوريين بقيادة سرجون الثاني الذين اجتاحوا فلسطين وقضوا على مملكة إسرائيل الشمالية (٧٢١ ق م) ونفوا وشتتوا قبائل إسرائيل العشرة نهائيا إلى غير رجعة، ثم بعد ذلك بحوالي ١٣٥ عاما اجتاح البابليون بقيادة نبو خذنصّر مملكة يهوذا الجنوبية ودمّروا القدس والمعبد وأخذوا ما تبقّى من بني إسرائيل إلى ما صار يعرف بالنفي البابلي (٥٨٦ ق م)، وكل ذلك يفيده معنى قوله تعالى: ﴿فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ﴾ تخلّلوا فيها جيئة وذهابا ﴿وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً﴾ تحقّق وانقضى.

﴿ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ (٦)

٦ - ﴿ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ﴾ أيها اليهود ﴿وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ بعد اجتياح الفرس لبابل (٥٣٧ ق م)، سمح لهم قورش ملك الفرس بالعودة لفلسطين حيث أعادوا بناء المعبد،

﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً﴾ (٧)

٧ - ﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها﴾ بمقتضى سننه تعالى في خلقه إن عاقبة الإحسان والسوء تعود على أصحابها ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ﴾ مرة الإفساد الثانية ﴿لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ﴾ فيصيبكم من الإذلال منهم منتهاه ﴿وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ﴾ مسجد سليمان ﴿كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ كما دخله البابليّون في المرة الأولى ﴿وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً﴾ يدمّرون القدس والمعبد الثاني دمارا تامّا، وقد تمّ ذلك على إثر هزيمة اليهود ونفيهم وتشتيهم نهائيا في أنحاء الأرض بعد دخول الجيوش الرومانية القدس بقيادة تيطوس ش ص ش ر ث (٧٠ م)، وأخرى في العام (١٣٥ م) بقيادة أدريانوس،

<<  <  ج: ص:  >  >>