وأنه تعالى لم يكن ليهلك قوما قبل إنذارهم بمعايير الصواب من الخطأ:
﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ﴾ [٥٢/ ٥٤]، وأنه ختم الرسالات السماوية بالقرآن الكريم ميسّرا لمن أراد أن يتذكر الحقائق ومعايير الأخلاق والعبر، ويتذكر الميثاق الفطري المأخوذ عليه في الأصلاب: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [٤٠/ ٥٤].
[النظم في السورة]
﷽
﴿تبدأ السورة بتأكيد اقتراب الساعة، وعندئذ يختل النظام الكوني من قمر وغيره، واستخدام الفعل الماضي لبيان تحقق وقوعها لا محالة فكأنها وقعت فعلا، وقيل إنهم رأوا القمر منشقا وقت بعثة النبي ﷺ: ﴿اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَاِنْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ (١) والواضح من آيات قرآنية عديدة أن لا علاقة لاقتراب الساعة بالمفهوم البشري للزمن.
ومع ذلك فالكفار مكابرون معرضون يعزون الآيات الباهرة من حولهم إلى السحر والصدفة: ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ (٢)
وتوضح السورة أن سبب التكذيب يعود إلى اتّباع الهوى، ولكن لا بد للحقيقة أن تستقر وتظهر للمكذّبين، إن عاجلا في الدنيا أو آجلا في الآخرة:
والحكم البالغة فيما جاء من إخبار الوحي عن الحياة الآخرة، وأنّ أعمال المرء في هذه الدنيا يترتب عليها نتائج معينة في الآخرة، وما سبق من العبر في تاريخ الأمم البائدة، وما يشاهد في الكون من آيات الخلق وتجدده، كل هذه الأنباء تزجر منفتحي الذهن غير أنها لا تفيد المصرّين على التكذيب: ﴿وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤)﴾