﴿حتى أخذهم تعالى أخذ عزيز مقتدر ولم ينفعهم ما كانت عليه دولتهم من قوة وجبروت عظيمين في عصرهم: ﴿كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ﴾ (٤٢)
فإن كانت هذه سنة الله في خلقه منذ الأزل فما بال الكفار بعدهم وفي كل زمن يظنون أنفسهم خيرا من سابقيهم عاقبة، أو يظنون أنفسهم شعب الله المختار جاهلية واستعلاء ويفترون على الله في الكتب التي يسمونها "مقدسة":
وإن كانوا مغترين بكثرتهم وغالبيتهم فالعبرة ليست بالأكثرية التي قد تكون على ضلال، كما أنّ الأكثرية لا تجعل الباطل حقا: ﴿أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ﴾ (٤٤)
والباطل مهما كثر واجتمع فهو إلى زوال في الدنيا قبل الآخرة: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ (٤٥)
أما في الآخرة فعاقبة المغترين بالباطل أدهى وأمرّ: ﴿بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ﴾ (٤٦)
والمجرمون اليوم في ضلال، وغدا في السعر: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ (٤٧ - ٤٨)
وأنه تعالى خلق كل شيء بقدر موزون، وعجائب هذا التقدير نراه حولنا في دقائق الكون التي لو كانت على غير ما هي عليه لما قامت حياة ولا ختلّ النظام الكوني: ﴿إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ﴾ (٤٩)
وأن وقوع قضائه تعالى في خلقه أسرع من لمح البصر: ﴿وَما أَمْرُنا إِلاّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠)﴾