للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدرة ﴿الْحَكِيمُ﴾ يفعل ما يفعل بمقتضى الحكمة البالغة، كما هو مشار إليه في الآية التالية:

﴿وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ (٦١)

٦١ - ﴿وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ﴾ المراد بالدابّة الكافر، لقوله: ﴿أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ﴾ [الأعراف ١٧٩/ ٧]، أي لهلكوا على الفور بلا إمهال ﴿وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ لعلهم يتوبون، ويرجعون عن غيّهم ﴿فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ﴾ منتهى العمر ﴿لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ وقتئذ يفوتهم أوان التوبة، فيلاقوا الجزاء المترتب على أعمالهم،

﴿وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾ (٦٢)

٦٢ - ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ ما يَكْرَهُونَ﴾ ليس فقط أنهم ينسبون البنات لله تعالى، وهو ما يكرهونه لأنفسهم، بل ينسبون له من الشركاء المزعومين، ما يكرهونه لأنفسهم أيضا، فهم يكرهون أن يشاركهم أحد في زعاماتهم ومناصبهم ﴿وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى﴾ وهذا من قبيل التمني، إذ يعتبرون أفكارهم الدينية، أو اللادينية، جيدة في نظرهم، بالرغم من سخافتها وتهافتها، ويكذبون على أنفسهم أن الله تعالى سوف يكافئهم عليها، في حال كانت هنالك آخرة، والآية التالية تشرح حالهم بأن الشيطان زيّن لهم أعمالهم فجعلها تبدو جيدة في نظرهم ﴿لا جَرَمَ﴾ حقا ﴿أَنَّ لَهُمُ النّارَ﴾ نتيجة طبيعية لكذبهم على أنفسهم ﴿وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾ مفرطون على أنفسهم بارتكاب الذنوب، ولذلك هم مفرطون في النار، أي متروكون فيها،

﴿تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ (٦٣)

٦٣ - ﴿تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ إرسال الرسل إلى الأقوام كان مستمرا منذ الخليقة، فما وجه الغرابة في بعثة خاتم الأنبياء والرسل إلى الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>