هو محور الآية ﴿فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً﴾ لأن سنته تعالى في خلقه اقتضت أن يتمتع الإنسان بحرية الخيار ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ﴾ لأن من يختار الضلال فإنه تعالى لا يجبره على الهدى، وإلا بطل التكليف وصار الإيمان قسرا ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ﴾ وهو المصير الذي يلاقيه المنافقون واليهود في الحياة الدنيا ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ جزاء لهم على ما اختاروه من الضلال، بعد أن بعث لهم تعالى خاتم الأنبياء والرسل ليبين لهم الحقيقة ويصحح معتقداتهم.
٤٢ - ﴿سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ أي إنهم، من أجل الكيد للإسلام ولتشويه سمعته، مستعدّون لتلقّي الكذب من أي جهة لأجل نشره، ويقال فلان سمع الكذب أي قبله ﴿أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ السحت هو المال الحرام، وهو أيضا الاستئصال لأن الحرام يستأصل صاحبه، قال تعالى: ﴿فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ﴾ [طه:
٢٠/ ٦١]، ﴿فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ﴾ احكم بينهم إن جاؤوك مخلصين في طلب الحكم والقضاء ﴿أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ إن كان هدفهم مجرّد التشويش والشغب أو البحث عن حكم يطابق هواهم ﴿وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً﴾ لأنك على الحق، ولقوله تعالى: ﴿وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ﴾ (٦٧)، ﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾ أي بالعدل وفق المبادئ الإسلامية التي جاء بها القرآن، وليس وفق رغباتهم ونزواتهم ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ الذين يحكّمون العدل.