للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤١ - استمرار الخطاب من الآيات (٢٠ - ٣٧)، والخطاب وإن كان للنبي ، غير أنه يخصّ كلّ مؤمن بالقرآن في كل عصر، والآية كما تتحدث عن المنافقين واليهود في زمن البعثة النبوية، فهي تشير أيضا إلى جميع المغرضين والمتحيّزين ضدّ الإسلام في كلّ العصور، الذين لا يبالون أن يأخذوا معلوماتهم عن الإسلام من أي جهة كانت، بدلا من الرجوع إلى القرآن نفسه إن كانوا يريدون الاستنارة حقا:

﴿يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ أي لا تحزن إذا ظهر منهم الكيد للإسلام والتآمر مع الكفار، فما عليك إلاّ البلاغ ﴿مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ﴾ وهم المنافقون ﴿وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا﴾ هم اليهود وقيل سمّوا يهودا حين تابوا من عبادة العجل فقالوا: ﴿إِنّا هُدْنا إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: ٧/ ١٥٦]، وقيل لنسبهم إلى يهوّذا ابن يعقوب.

﴿سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ أي يسمعون منك لأجل الكذب عليك، وليس لغرض التعلم منك، فكانوا يمزجون كلام النبي بالزيادة والنقصان والتبديل والتشويه، وهذا الكذب على النبي لم يقتصر على زمن البعثة النبوية، بل تعداه إلى قرون متأخرة بعد ذلك، حيث دسّ اليهود القصص الإسرائيلية في التفسير والحديث ﴿سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ﴾ هم جواسيس لقوم آخرين لم يحضروا إلى عندك، أي أنهم سمّاعون من الرسول لأجل قوم آخرين من اليهود أرسلوهم ليكونوا جواسيس لهم ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ﴾ يحرّفون ما يسمعون من الكلام، كما سبق أن حرّف أحبارهم نصوص التوراة، وتقدير الخطاب: يحرفون الكلم من بعد وضعه في مواضعه ﴿يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا﴾ يريدون إقناع أنفسهم أنهم مؤمنون بالوحي، ومع ذلك فإنهم ينتقون من الوحي ما يلائم أهواءهم ورغباتهم وشهواتهم فقط، ويتركون ما عدا ذلك ﴿وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ﴾ الفتنة هنا بمعنى الضلال لأن هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>