للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووصف القرآن أيضا كلّه بالمتشابه بقوله تعالى ﴿اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً﴾ [الزمر ٢٣/ ٣٩]، أي متجانسا في المحتوى وسالما من التناقض والتفاوت والاختلاف، لقوله تعالى ﴿وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلافاً كَثِيراً﴾ [النساء ٤/ ٨٢]، راجع شرح آية [آل عمران ٧/ ٣]، وهنالك تشابه بين مطلع هذه السورة ومطلع سابقتها سورة يونس حيث وصف القرآن بكونه حكيما بمعنى اشتماله على الحكمة ومحكما وحاكما يميز بين الاعتقادات الصحيحة والباطلة ﴿ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ وقد أجمعوا أنّ ﴿ثُمَّ﴾ ليست للتسلسل في الزمن، بل هي تنسيق وترتيب لصفات الكتاب أي هو محكم ومفصّل، والتفصيل هو للعقائد والتشريع والمعاملات ﴿مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ﴾ الذي أحكم هذه الآيات ﴿خَبِيرٍ﴾ وفصّلها، ولدن ظرف مكان مجازا، أي من عند الحكيم الخبير.

﴿أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾ (٢)

٢ - ﴿أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ﴾ أوّل بيان لما أحكمت وفصّلت له الآيات، أي لئلا تعبدوا إلاّ الله لا تشركوا به شيئا ﴿إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾ والخطاب على لسان النبي لأنّه النذير البشير: نذير بسوء العاقبة للمصرين على الشرك والظلم، وبشير بحسن الخاتمة للمؤمنين المتقين، والضمير في ﴿مِنْهُ﴾ عائد لله تعالى، والخطاب في هذه الآية وما يليها من آيات وإن كان في الأصل موجّها إلى مشركي مكة فهو كباقي الآيات القرآنية ذو مغزى عام وموجّه للناس في كل عصر.

﴿وَأَنِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ (٣)

٣ - تتمة تفصيل الآيات فالآية معطوفة على سابقتها: ﴿وَأَنِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ﴾ من الشرك والكفر والإجرام والظلم ﴿ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ نادمين مصلحين، وقد عطف التوبة على الاستغفار ب ﴿ثُمَّ﴾ لأن العمل متأخّر عن القول، فكم من مستغفر مصرّ على الذنب ﴿يُمَتِّعْكُمْ﴾ بمجموعكم وجملتكم ﴿مَتاعاً﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>