تعليمهم المنهج الذي ينبغي أن يسيروا عليه ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ الأحكام التفصيلية التي جاء بها القرآن نظاما للفرد والمجتمع ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ يطهّر أمّته من العقائد الفاسدة والعادات الخاطئة في حياتها الاجتماعية والثقافية والسياسية ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ ومن استجابته تعالى لدعاء إبراهيم وإسماعيل أن نهضت الأمة الإسلامية نتيجة العمل بهذه النقاط الثلاث، بما أغنى عن فلسفات وأهواء البشر.
١٣٠ - ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ لا يترك ملّة إبراهيم إلاّ من كان ضعيف العقل، فكأنه يستخفّ بعقله وبنفسه، والمقصود من عبدوا الأوثان وجعلوا لله شركاء ﴿وَلَقَدِ اِصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا﴾ أي اصطفينا إبراهيم لهداية الناس ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ﴾ كما سيرد في الآية التالية إذ استجاب لدعوة ربه وأسلم نفسه طائعا مختارا.
١٣١ - ﴿إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ﴾ المسلم من يسلم نفسه طائعا لله، ويعبده إلها واحدا جديرا وحده بالعبادة، ويسيّر حياته وفق هديه، ووفق هذا التعريف فإنّ جميع الأنبياء منذ بدء الخليقة كانوا مسلمين.
١٣٢ - ﴿وَوَصّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ﴾ كلّ من إبراهيم ويعقوب أوصوا أبناءهم بالإسلام، وخصّ يعقوب بالذكر دون الباقين لأنّ بني إسرائيل ذرّيته المباشرة ﴿يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اِصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ وهو تتمة كلام إبراهيم ويعقوب لبنيه، أي إنّ الله تعالى اختار لكم