للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعظيم أمر الوفاء بالعهد، لأن الطاعات مشتملة على أمرين: تعظيم شعائر الله، وحسن المعاملة مع الناس، فالوفاء بالعهد مشتمل عليهما معا.

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ (٧٧)

٧٧ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً﴾ عهد الله يشمل ما عهده تعالى إلى الناس في كتبه المنزلة أن يلتزموا الصدق والوفاء بما يتعاهدون ويتعاقدون عليه وأن يؤدوا الأمانات إلى أهلها، وأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ولما كان الناكث بالعهد لا ينكث إلاّ لمنفعة دنيوية فقد عبّر تعالى عن ذلك بالشراء، أي أنّ الناكث بالعهد يشتري المنفعة الدنيوية، وهي قليلة مهما عظمت، لأنّ كل متاع الدنيا قليل بالمقابلة مع عهد الله ﴿أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ لا نصيب لهم من خيراتها ﴿وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ لأن الخيانة والنكث بالعهود يترتّب عليهما فساد التعامل بين الناس وفساد مصالحهم وإفساد المجتمع، روى أحمد في مسنده عن أنس بن مالك أنّ النبي قال: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له»، والعلاقة واضحة بين هذه الآية وما قبلها من ادّعاء اليهود بأن لا حرج عليهم في غش الناس من غير اليهود.

﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (٧٨)

٧٨ - ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ﴾ الإشارة غير مقتصرة على اليهود وإنما تشير إلى النصارى أيضا بدليل الآيتين التاليتين، واللّيّ عبارة عن جعل الاستقامة اعوجاجا، وهو هنا بمعنى إعطاء الكلام معنى آخر غير المقصود به، فمثلا استخدم العهد القديم تعبير أبناء الله وابن الله مجازا فجاء النصارى في

<<  <  ج: ص:  >  >>