٣٠ - ﴿وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ﴾ يوم الحساب، فيقول لهم تعالى:
﴿قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ﴾ إشارة إلى البعث والحياة الآخرة، لأنهم زعموا أن الحياة الآخرة ليست سوى وهما، وكانوا يقولون ﴿إِنْ هِيَ إِلاّ حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾ الآية السابقة ﴿قالُوا بَلى وَرَبِّنا﴾ شهدوا على أنفسهم أن الحياة الآخرة هي الحق ﴿قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ أي بنتيجة كفركم، وهي النتيجة الطبيعية لارتباط العلاقة بين إنكار البعث وعذاب الآخرة.
﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتّى إِذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ (٣١)
٣١ - ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتّى إِذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً﴾ استمر تكذيبهم بالبعث والحساب إلى أن فاجأتهم ساعة الموت، فخسروا، والسبب أنهم لم يغتنموا فرصة التوبة والصلاح قبل الفوات، فأفنوا دنياهم في العبث، وانحصر همّهم في تحصيل اللذات المؤقتة والسعادة الفانية، ولم يعملوا في دنياهم على تحصيل المعارف الحقيقية والأعمال الصالحة ﴿قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها﴾ نداء للحسرة وهي شدة الندم على ما قصّروا وضيّعوا في حياتهم الدنيا من البحث عن الحقيقة والإيمان والأعمال الصالحة ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ﴾ جاؤوا بأثقال ذنوبهم بها من حياتهم الدنيا، لأن الوزر هو الثقل، وحمله على الظهر مجازا، لأن الذنوب ترهق النفوس كما الأثقال ترهق الأجساد التي تحملها ﴿أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ لأن أسوأ الأثقال أثقال الذنوب، فما أسوأ هذه الأثقال التي جاؤوا يحملونها.
٣٢ - ﴿وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ هي لعب ولهو لمنكري البعث لقولهم إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين (الآية ٢٩)، لأنهم لا يعقلون أن