مليئة بالحسد والبغض له بعد كل هذه السنين، وهذا الاتهام من الأخوة ليوسف يفسر السبب الذي من أجله لم يكن يرغب يوسف كشف هويته لهم قبل الوقت المناسب ﴿فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ﴾ سكت عن مقالتهم وأسرّ في نفسه القول: ﴿قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً﴾ لدوام حقدكم وحسدكم بعد مرّ السنين، وقد أسرّ هذا القول في نفسه حلما وصفحا عنهم ﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ﴾ من الأكاذيب.
٧٨ - ﴿قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً﴾ طاعنا في السن لا يقوى على فراقه ﴿فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ﴾ لأن أيّاً منّا ليس بمنزلة بنيامين عند أبيه ﴿إِنّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ لجميع الناس على عادتك:
٧٩ - ﴿قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ﴾ ظاهر الكلام يفيد وجوب العمل بما تقتضيه الشريعة حسب مذهبهم، وباطن الكلام أنه تعالى ألهم يوسف الاحتفاظ بأخيه الصغير عنده لحكمة عليا خافية ﴿إِنّا إِذاً لَظالِمُونَ﴾ أي إذا عملت بخلاف ذلك.
٨٠ - ﴿فَلَمَّا اِسْتَيْأَسُوا مِنْهُ﴾ يئسوا من اقناع يوسف بإطلاق بنيامين أو أخذ أحدهم مكانه ﴿خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ انفردوا للنجوى أي للتشاور فيما بينهم ﴿قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ﴾ حلفتم بالله عند أبيكم أن تحفظوا بنيامين ﴿وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ﴾ انتزعتم يوسف من أبيكم وتخلصتم منه، وهذه هي المرة الثانية، ولذلك: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ﴾ أرض