٤٤ - ﴿فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ﴾ أصرّوا على تجاهل دعوة الرسل والوحي - الذكر -، ولم يتّعظوا بما أصابهم من البأساء والضرّاء، وانهمكوا في الدنيا ﴿فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الرخاء والخيرات والرزق ﴿حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا﴾ اغترّوا وبطروا وظنّوا أن ذلك باستحقاقهم وجدارتهم وذكائهم، فلم يتوبوا ولم يشكروا النعم ﴿أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً﴾ بالعقاب ﴿فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ يائسون، والإبلاس الحسرة والإنكسار واليأس الذي يأتي بعد فوات الفرص.
٤٥ - ﴿فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ تم استئصال شأفتهم ﴿وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ بأن أراح الناس من شرورهم وعقائدهم الفاسدة، وهي ظاهرة تاريخية تكررت وتتكرر في الأمم التي تفقد البعد الروحي من حياتها، وتنغمس في المادة والترف، فيؤول أمرها إلى المادية والطغيان والتفسخ والإنحطاط ثم إلى الزوال.
٤٦ - ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ﴾ السمع والبصر بالمعنى الحرفي وبالمعنى المجازي ﴿وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ﴾ فأصبحتم كالبهائم [البقرة: ٢/ ٧]، كما حصل للأمم التي قطع دابرها من قبل، نتيجة قساوة قلوبها وإصرارها على الكفر ﴿مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ﴾ ما يكون شأنكم مع آلهتكم التي تشركون؟