والإشارة إلى الشرك في الآية السابقة، لأن المسيحية جعلت المسيح إلها متجسدا، وأسبغت من صفات الألوهية على قديسيها، ولأن اليهود من جهة ثانية اعترفوا لأحبارهم بسلطة التشريع لدرجة أن أحكامهم صارت تهيمن على الشريعة، انظر آية [التوبة: ٩/ ٣١]، ﴿بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ﴾ بأن يبعث الرسل إلى البشر فيهدي من يشاء الهداية بأن يوفقه إلى الإيمان والعمل الصالح ﴿وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ فيحاسب كل إنسان بعمله فقط، ولا يسأل عن عمل غيره، ولا يشفع له غير ذلك.
٥٠ - ﴿اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ﴾ الخطاب للنبي ﷺ وبالتالي لأمته والناس أجمعين، أي تفكروا كيف يختلق هؤلاء لأنفسهم أفكارا وأعذارا ومفاهيم مخالفة لسنة الله الطبيعية في الخلق ﴿وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً﴾ وهو إثم الغرور والتبجّح والمكابرة والتعصب بالدين والجنس، إذ حوّلوا الدين إلى جنسية بحتة.
٥١ - ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ﴾ اليهود والنصارى، انظر شرح الآيات [٤٤ - ٤٥]، ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ﴾ الجبت هو الدجل والأوهام والخرافات مما لا أساس له، كأوهام اليهود أنهم أحبّاء الله وشعبه المختار، وأوهام النصارى أن عيسى المسيح افتدى خطاياهم مسبقا بالنيابة عنهم، والطاغوت من المبالغة في الطغيان، وهو كلّ رأس في الضلال سواء كان كاهنا أو زعيما، وسواء كان معبودا بقهر منه لعابديه أو بطاعة ممّن عبدوه، والعبادة بمعنى الطاعة المطلقة للطواغيت مما يكون سببا للطغيان والخروج عن الحق ﴿وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً﴾ يقولون عن