للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ (١٢٣)

١٢٣ - ﴿وَاِتَّقُوا﴾ أيها اليهود ﴿يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ الإشارة إلى اعتقاد اليهود أنّ نسبهم إلى إبراهيم سوف ينجيهم من الحساب والعقاب في الآخرة، وهو اعتقاد ينفيه القرآن مرارا وقد تقدّم ذلك في الآية (٤٨).

﴿وَإِذِ اِبْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ﴾ (١٢٤)

١٢٤ - استمرار الخطاب من الآيات السابقة لأن اليهود ينتسبون إلى جدهم إبراهيم لجهة إسحاق: ﴿وَإِذِ اِبْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ﴾ الكلمات هي الخبرات الصعبة التي مرّ بها إبراهيم في حياته وتجاوزها بنجاح ممّا أهّله للقيام بعبء البعثة، فقد كانت حياته منذ تبينت له الحقيقة حتى وفاته مسلسلا من التضحيات والمشاق، وعزم على التضحية بابنه إسماعيل، وتحمّل أقصى ما يستطيع البشر أن يتحمله من الصعاب في سبيل الدعوة ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾ تجاوز إبراهيم كل المحن والابتلاء ﴿قالَ﴾ تعالى ﴿إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً﴾ بعد أن تجاوز إبراهيم تلك المحن بعثه تعالى إماما للناس، أي قدوة لهم كي يتبعوا رسالته ﴿قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ سأل إبراهيم ربّه إن كانت الإمامة سوف تطال بعض ذرّيته، ولعلّ في ذلك تعبير عن رغبة الإنسان أن ترث ذرّيته مناقبه وخصاله ومركزه ﴿قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ﴾ المعنى سوف أستجيب لطلبك وأجعل من ذريتك أئمة للناس، سوى أنّ الإمامة هي من حقّ الأتقياء منهم فقط ولا يصلح لها الفاسق، وهكذا لزم انتقال الإمامة من بني إسرائيل إلى بني إسماعيل لأن ظلم بني إسرائيل بلغ الذروة بكفرهم بآخر أنبيائهم عيسى ، وهذه الآية تدحض ادّعاء بني إسرائيل أن الإمامة حق أبدي لهم لمجرد انتسابهم إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>