للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٩ - في الآيتين (٧١ - ٧٢)، ثم الآيتين (٨٨ - ٨٩)، يلاحظ التناظر وإعجاز النظم القرآني في وصف مواقف المؤمنين إيمان اليقين وحسن ختامهم، بعد بيان أنواع سلوك المنافقين وسوء عاقبتهم، ثم في هاتين الآيتين (٩٩ - ١٠٠) تبين السورة موقف الأعراب المؤمنين وحسن عاقبتهم، ومنزلة من هم أعلى منهم درجة من السابقين والتابعين وعلوّ منزلتهم.

فعلى الرغم من طبيعة الأعراب وكونهم أشد كفرا ونفاقا من أهل الحضر، فمنهم المؤمنون الصادقون: ﴿وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ إيمانا صادقا يقينيا ﴿وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ﴾ ينفقون في سبيل الله ويعدّون نفقتهم تقرّبا وزلفى إلى الله تعالى، وقربات مفردها قربة من القرب والدنو، أي في المنزلة والمكانة ﴿وَصَلَواتِ الرَّسُولِ﴾ عطف على ﴿قُرُباتٍ﴾، أي ويتّخذون ما ينفقون سببا لدعائه لهم ، لأنه كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ويستغفر لهم، والصلوات مفردها صلاة، وهي في أصل اللغة الدعاء، لأنه مخ العبادة ﴿أَلا إِنَّها﴾ أي النفقات ﴿قُرْبَةٌ لَهُمْ﴾ تأكيد وتصديق لما اعتقدوه ورجوه من كون نفقاتهم تقربهم عند الله زلفى ﴿سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ﴾ تفسير لهذه القربة، ودلالة على رضا الله تعالى عن المتصدقين إذا كانت نياتهم خالصة ﴿إِنَّ اللهَ غَفُورٌ﴾ عن سيئاتهم ﴿رَحِيمٌ﴾ بهم.

﴿وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (١٠٠)

١٠٠ - تتمة الخطاب من الآية السابقة، لبيان فضل من هم أعلى منزلة من جميع المذكورين آنفا، سواء منهم الأعراب المؤمنون وغيرهم من المسلمين، وهم أصناف ثلاثة:

﴿وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ﴾ الذين بادروا بالهجرة قبل غيرهم، زهدوا في دار الكفر فهجروا موطنهم وأملاكهم، وتحملوا المشاق والمخاطر،

<<  <  ج: ص:  >  >>