٧٥ - ﴿وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ﴾ أي لأي سبب أو عذر - غير دنيوي - تتركون القتال في سبيل الله وقد بلغ حال المستضعفين من إخوانكم، الواقعين تحت ظلم الكفار، ما بلغ من الضعف وتحمل الاضطهاد، والمعنى لا عذر لكم، والمغزى أيضا أن الهدف من قتالكم هو لضمان حرية العقيدة الدينية للمستضعفين من الناس ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالِمِ أَهْلُها﴾ التي يظلمنا أهلها ﴿وَاِجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاِجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً﴾ اجعل لنا من لدنك ولاية ونصرة، أي كن أنت لنا وليّا ونصيرا، ويحتمل الدعاء أيضا أن يجعل تعالى عليهم رجلا من المؤمنين يواليهم وينصرهم ويحفظ عليهم دينهم.
٧٦ - ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ وهو تعالى مصدر قوتهم بعد أن يتخذوا أهبتهم حسب السنن الدنيوية التي سخرها لهم فيوفقهم للنصر كونهم أصحاب حق ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ﴾ الطاغوت من المبالغة في الطغيان، فهم يمنعون حرية الدين ويقاتلون أصحاب الحق، وذلك مصدر ضعفهم مهما كانت قوتهم المادية، ولا يمنع ذلك أن تكون أحيانا بعض الأمم التي لا تدين بالقرآن أقرب إلى أحكامه ممّن يدّعون اتّباعه، فتكون الغلبة لمن يكون أقرب إلى هداية القرآن بالفعل، على من يكون أبعد من الهداية القرآنية وإن انتسب إليها بالاسم ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً﴾ بمعنى أن الشرور والمعصية ناتجة من كسب الإنسان وخياره الحر، فكيد الشيطان ليس له من وجود حقيقي سوى أن الإنسان قد يقع ضحية لسوء اختياره.