﴿فأنّى لجنس الإنس والجن أن يكذّب بمقدرته تعالى ونعمائه: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ (١٣)
وقد خلقهما تعالى من ضعف: ﴿خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ (١٦)
وخلق معجزة المشرقين والمغربين، فعندما يتقدم المشرق على أحد أطراف الكرة الأرضية يتقدم المغرب على طرفها الآخر في حركة مستمرة من الشرق إلى الغرب، وبعد دوران الكرة ١٨٠ درجة يصبح المشرق مغربا والمغرب مشرقا:
﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ (١٨)، وفي آية المعارج: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنّا لَقادِرُونَ﴾ [المعارج ٤٠/ ٧٠] لأن كل خطوط الطول للكرة الأرضية تصبح مشارقا ومغاربا على مدار الأربعة وعشرين ساعة.
ومعجزة التقاء المياه العذبة مع المياه المالحة عندما تصب الأنهار الضخمة في البحار فتجري مياه الأنهار العذبة في المحيط مخترقة مياه البحر لمسافات طويلة دون أن تختلط معها فلا يبغي أحدهما على الآخر كما لو كان هنالك حاجز بينهما: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ * بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ (١٩ - ٢١)
ومعجزة السفن الضخمة تجري في المحيطات والبحار بما كرّم الله تعالى الإنسان على سائر المخلوقات وما حباه من مقدرة على الإبداع والاختراع ليس فقط للسفن وإنما لسائر أنواع التقانة التي نراها اليوم، وقد نسب تعالى السفن إلى ذاته العليّة لكونه هو الذي أودع في البشر مقدرة الإبداع: ﴿وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ (٢٤ - ٢٥)