١١٠ - ﴿لا يَزالُ﴾ على الدوام ﴿بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا﴾ وهو بناؤهم الذي بنوه بغرض الإضرار والكفر والتفريق والإرصاد ﴿رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ الريبة من الريب، وأصله الشك، لأنهم كانوا يشكّون في نبوّته ﷺ، وفي نفس الوقت يدّعون الإسلام، وهو عين النفاق، والمعنى أنّ بناءهم كان مصدرا دائما للشك والقلق والاضطراب والهاجس في قلوبهم، حتى موتهم ﴿إِلاّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾ بموتهم وهلاكهم على حالتهم هذه، ما لم يتوبوا، والواضح إنّ الآية ذات مغزى عام غير مقتصر على أحداث البعثة النبوية ﴿وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ يظهر من أحوالهم وبواطنهم ما اقتضته حكمته الأزلية وعلمه المحيط بكل شيء.
١١١ - بعد أن وصفت الآيات (٣٨ - ١١٠) أصنافا من المنافقين، من أهل المدينة ومن الأعراب، الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، كما وصفت خلالها مواقف المؤمنين الصادقين وتضحياتهم وحسن عاقبتهم بالآيات:(٧١ - ٧٢) و (٨٨ - ٨٩) و (٩٩ - ١٠٠) تعود الآيتان: (١١١ - ١١٢) إلى بيان فضيلة الجهاد وحقيقة المؤمنين:
﴿إِنَّ اللهَ اِشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ بيان لحقيقة المؤمن المستعد لبذل نفسه وماله في سبيل الإسلام، فهو يضحي بالدنيا مقابل الآخرة، ومن لم يكن لديه الاستعداد لهذه التضحية تكون دعواه بالإيمان في حاجة إلى تصديق وتحقيق ﴿يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾ فتكون لهم الجنة، مقابل فوات الدنيا التي ستزول عنهم على أية حال ﴿وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ﴾ الكتب المنزلة الثلاثة تشهد بذلك، ولا عبرة بكتب