٥٤ - ﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ﴾ باتخاذكم العجل معبودا ﴿فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ﴾ الباريء هو الخالق ﷿ الذي جعل الخلق بريئا من التفاوت ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ﴾ قال بعض المفسرين: إن الأمر يقتضي أن يقتل اليهود أنفسهم، أو يقتلوا من بينهم أولئك الذين جعلوا العجل مستحقا للعبادة، ورووا الكثير من الإسرائيليات في ذلك ممّا لا يصحّ، والأصح أن القتل مجازي والمقصود به اقتلوا نفوسكم الشريرة الأمّارة بالسوء، وذلك بالإخلاص في العبادة وبالتوبة الصادقة، كما يقال قتل فلان نفسه ندما، والدليل أنه تعالى عفا عنهم بعد عبادتهم العجل (الآية ٥٢)، وبدليل توبتهم وتوبة الله عليهم بقوله: ﴿فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ﴾.
٥٥ - ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً﴾ وهي صورة أخرى من بلادتهم وعنادهم وماديتهم إلى أقصى الحدود، فبعد أن رأوا كل المعجزات الباهرات لم يقتنعوا، بل طلبوا أن يروا الله جهرة أي عيانا حتى يصدّقوا موسى، ممّا يدلّ على أنهم ماديون لا يؤمنون إلا بما تدركه حواسهم، دون عقولهم، والذين طلبوا ذلك هم سبعون رجلا اختارهم موسى من كبار القوم لميقات ربه [الأعراف ٧/ ١٥٥]، ﴿فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ﴾ ليس بالضرورة أن الصاعقة أماتتهم، والظاهر أنّه أخذهم ما ينظرون إليه لقوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ فلو كانت الصاعقة هي الموت لامتنع كونهم ناظرين إليها (الرازي).