١٥٥ - ﴿فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ أي بنتيجة نقضهم ميثاقهم المشار إليه آنفا استحقّ اليهود غضب الله، والميثاق مذكور تفصيله في آية [المائدة: ٥/ ١٢]، ﴿وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ﴾ وهذه سمة عامة في جميع المتعصبين، والمتحيزين، والذين توارثوا التقاليد والعادات، أنه مهما وضحت الحقيقة يقولون أن قلوبهم مغلقة عنها وليس لديهم أي استعداد للتفكير الموضوعي، لأن قلوبهم مشتملة على ما يكفيهم من العلم بزعمهم ﴿بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ﴾ الكفر يحجب الحقيقة عن صاحبه إذ يمنعه من التفكير الموضوعي، ويعمي بصيرته ﴿فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً﴾ قليلا ما يؤمنون بالصواب، لأنّ معتقداتهم متمحورة ومنغلقة حول أنفسهم، ويحتمل المعنى أيضا أنه لا يؤمن منهم بخاتم الأنبياء والرسل إلا القليل، فيظلّ الباقون منهم بانتظار غيره أبد الدهر، انظر آية [البقرة: ٢/ ٨٨].
١٥٦ - ﴿وَبِكُفْرِهِمْ﴾ بعيسى ﵇، والمعنى أنهم استحقوا غضب الله بسبب كل ما ذكر في الآية السابقة، وأيضا بسبب كفرهم بعيسى ﵇ كما هو واضح من سياق الآية ﴿وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً﴾ بسبب قولهم على مريم بهتانا عظيما، لأنهم اتهموا مريم ﵍ بالفاحشة، والبهتان هو الباطل أو الكذب الذي لشدّته يصاب سامعه بالدهشة ويسكت متحيرا منه.